الرئيسية/مقالات الرأي/اللغة العربية في جيبوتي: إرث خالد ومستقبل مشرق اللغة العربية في جيبوتي: إرث خالد ومستقبل مشرق بقلم شاكر عيلييه ترتبط اللغة العربية في جيبوتي بتاريخ عريق يعود إلى فجر الإسلام، حين اعتنق أهلها الإسلام مبكرًا بعد هجرتي الصحابة إلى الحبشة. كانت تلك الأرض مأوى آمنًا أوصى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً: «هناك ملك لا يُظلم عنده أحد.» منذ ذلك الحين، أصبحت اللغة العربية جزءًا أصيلًا من هوية السكان، ورافدًا رئيسيًا لفهم الدين الإسلامي والقرآن الكريم، مما أكسبها مكانة رفيعة وتقديرًا كبيرًا. مع تعاقب الأزمان، تجذّرت اللغة العربية في المجتمع الجيبوتي، حيث كُتبت بها بعض اللغات المحلية، مثل الصومالية التي تتقارب مفرداتها مع العربية، والعفرية التي استعارت العديد من كلماتها. قبل الاستعمار، كانت اللغة العربية الوسيلة الوحيدة للتعليم، مما عزز مكانتها في الحياة الثقافية والاجتماعية للبلاد. إلا أن فترة الاستعمار الفرنسي جاءت بمحاولات لتهميش اللغة العربية واستبدالها بلغات أخرى. ورغم تلك التحديات، ظل الشعب الجيبوتي وفيًا للغته، وبرزت جهود فردية ومؤسساتية لحمايتها. من أبرز تلك الجهود تأسيس مدرسة النجاح عام 1935م على يد التاجر الكبير سعيد علي كوبيش، التي لعبت دورًا بارزًا في صون ثقافة اللغة العربية وتعزيزها. مع استقلال جيبوتي، عادت اللغة العربية إلى الواجهة وشهدت نهضة كبيرة. أُنشئت مدارس ومعاهد إسلامية بدعم دول عربية شقيقة، مثل المعهد الإسلامي التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في ثمانينيات القرن الماضي. كما انتشرت الكتاتيب والمدارس الليلية في مختلف أرجاء البلاد، ما ساهم في ترسيخ اللغة العربية في التعليم والثقافة. على الصعيد الرسمي، أصدر الرئيس إسماعيل عمر جيله مرسومًا يساوي شهادات اللغة العربية بالشهادات المعتمدة الأخرى. وأصبحت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني مسؤولة عن تنظيم الامتحانات وإصدار شهادات الإعدادية والثانوية باللغة العربية. وفي خطوة أخرى لتعزيز مكانة اللغة، تأسست كليات ناطقة بالعربية في جامعة جيبوتي، ما عزز دور اللغة في المجال الأكاديمي. من أجل إحياء اللغة العربية وتعزيز مكانتها، خصصت وزارة التربية أسبوعًا وطنيًا يُقام سنويًا بين 12 و18 ديسمبر. يشمل الأسبوع فعاليات ومسابقات ثقافية وتعليمية، ويُختتم بحفل كبير تحت رعاية وزير التربية الوطنية، يُبرز أهمية اللغة العربية كجزء أساسي من الهوية الوطنية والثقافية. تبقى اللغة العربية رمزًا للهوية الوطنية في جيبوتي، وجسرًا يربط شعبها بجذوره الإسلامية والعربية. وبفضل الجهود المستمرة للأفراد والمؤسسات، تستمر اللغة العربية في الازدهار، مما يُبشّر بمستقبل واعد يحفظ لهذا الإرث التاريخي مكانته العريقة. فيسبوك تويتر لينكدإن ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام ڤايبر لاين